بعض أعماق وأسرار الصلاة
1) حضور القلب .. يجب أن تعلم أن حضور القلب وعدم السرحان في الصلاة هو فقط أول خطوة وأول معنى من معاني أسرار الصلاة، وإلا فهناك بُعدٌ أعمق من مجرد حضور القلب.والكثير من الناس يجاهد لاستحضار قلبه في الصلاة، وهو لا يحتاج إلى مجاهدة ! .. لأن لذة حضور القلب مع الله جل وعلا في الصلاة أعذب بكثير جدًا من لذة السرحان.الفرق بين صلاة الخاشع وغيره .. فالذي يعيش أحوال أهل الجنة بالخشوع في صلاته، يأخذ نفس الوقت ويؤدي نفس الحركات التي يؤديها غير الخاشع .. ولكن الفرق بينهما هو حضور القلب .. ألا تستطيع أن تُحضر قلبك لمدة عشر دقائق فقط ؟! ..
فالصلوات الخمس تستغرق من وقتك أقل من ساعة في اليوم، وسيكون أمامك أكثر من ثلاث وعشرين ساعة كي تُفكر في الدنيا كما تشاء فيما أباحه الله عز وجل. 2) الفهم ..بعض الناس قد يكون حاضر القلب لكنه لا يفهم معنى كلامه وأفعاله في الصلاة، ويردد أمورًا لا يعرفها .. ثم نتساءل لماذا لا نخشع؟فليس أكبر أهدافك مجرد عدم السرحان، فهذا أول عمق فقط .. الأمر الآخر هو أن تفهم وإلا فلا فرق بيننا وبين طيور تتكلم وربما أعمدة أخرى تعبد الله جل جلاله.سنكشف عن أسرار هذه الكلمات ومعانيها، فإذا انكشفت عليك وعرفت أبعادها سيتغير شعورك ..ولكن لا تقل لا أستطيع أن أخشع ..
فيستحيل أن يطلب الله عز وجل منك أن تخشع وأنت لا تستطيع ذلك .. وأنت الذي تملك نفسك وذهنك وعقلك وتستطيع أن تتحكم بهم .. وكما أن الطالب لا يترك الإجابة التي يعرفها في الإمتحان بسبب السرحان، وكما أن الكثير من الناس يفهمون ما يشاهدون على التلفاز دون أن يسرحوا .. فبالتأكيد يستطيعون أن لا يسرحوا طوال العشر دقائق، التي هي مدة كل صلاة بحوّل الله وقوته.أخي الكريم، أدعوك إلى أن تجتهد وأبشر فإن الله تعالى أكرم ما تتصور وأعظم مما تتخيل يعطيك تلك اللذة إذا رآك تريدها فعلاً واستعنت به على ذلك.قال تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ..} [العنكبوت: 69]
أخي الكريم، بعد معرفتك بهذه الأبعاد ستصل إلى مرحلة تتمنى بعدها ألا تنتهي الصلاة وأن تبقى فيها أكثر .. ولكن الأمر يحتاج منك إلى عزم ..على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
إلى عمق آخر فتابعونا،،
سر الرجاء
بعد أن تحدثنا عن حضور القلب وفهم معاني الكلمات فى الصلاة، سنتحدث عن عمق جديد للذة وفيه عبادة زائدة وطعم ألذ ...
وهذا الشعور لابد أن تدخله فى صلاتك؛ لأن كثير من الناس ربما يكون حاضر القلب في صلاته ويفهم المراد من ما يسمع ويفعل، لكنه لا يشعر بشيء أثناء الصلاة . . .على الرغم من إن كل المشاعر تتولد لديه إذا قابل صديقه أو حبيبه، أما إذا قابل الله فى الصلاة فإنه لا يشعر بشيء وتكون صلاته باردة .. مجرد حركات وكلمات .. لذلك بعد الصلاة لا يشعر بأي إختلاف فى حياته .. لذا لابد أن تُضيف هذا البُعد الثالث إلى صلاتك وهو:الشعور الثالث:: شعور الرجاء ..
أي أن ترجو رحمة الله ..
أتيتك يارب وأنا أرجوك أن ترحمني، أن تحبني، أن تعفو عني .. وظنك بالله إنه سيقبلك ويرضيك وسيُقربك عنده ...
ومن يستحضر شعور الرجاء مرتبته عند الله أعلى من الذي يصلي بمجرد استحضار القلب والفهم .. وبالتالي سيشعُر بلذة قلبية أكثر ..وهذا الشعور تحس به إذا عرفت الله، وكلما عرفت الله أكثر كلما زاد رجاؤك فى الصلاة .. لن تجد أحد أرجى لك من الله .. و من شدة قرب رجاء الله منك، فليس عليك سوى أن تظن بالله أي شيء تحبه وهو سيكون لك عند حسن ظنك ...تظن أن الله سيرحمك، يرحمك .. تظن أن الله سيعتقك من النار، يعتقك من النار .. تظن إن الله سيُدخلك الفردوس الأعلى، يُدخلك الفردوس الأعلى ..
فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" [صحيح الجامع (4316)]
كيف يمكنك ألا ترجوه بعد هذا؟! .. سنوات ونحن نُقابل الله في الصلوات، ولا نشعر بهذه المشاعر .. مع أن الله تعالى يُحب منك أن ترجوه
جرب أن الله سيرحمك، سيغفر لك، سيرفعك، وأنه سيجعلك من أهل الجنة ...
وأبشر .. فإن الله سيعطيك، قال تعالى { َوقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.....} [غافر : 60]
ادعّ وأنت على يقين تام من الإجابة .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ادعوا الله تعالى وأنتم موقنون بالإجابة .." [السلسلة الصحيحة (594)]إن فعلت ذلك أعطاك أكثر مما ترجوه وتريده منه،
لكن بشرط:: أن يكون رجاء وليس أمانى،،
ما الفرق بين الرجاء والأماني؟
الرجاء هو أن تشعر بالمشاعر التى ذكرناها سابقًا ولكن مع عمل .. أما الأمانى فبلا عمل، أن يتمنى من الله أن يغفر له ويرحمه وهو معرض عنه .. قال تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طه : 82]
ووالله إن للرجاء طعم فى الصلاة .. جرب الرجاء، جرب أن تُحسن الظن بربك فى الصلاة، سيعطيك أكثر مما تستحق بل وأكثر مما تتوقع، فقط لأنك ترجوه ... قال تعالى {.....وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ...} [الأعراف : 156]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها وأخرّ الله تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة" [متفق عليه] لقد وسعت رحمة الله عز وجل من هو شر منك، فكيف لا يرحمك؟!
ولتحصل على رحمة الله عز وجل .. عليك أن تطلبها منه وهو يعطيك إياها .. قم الآن فصلِّ وأرجو ربك وهو يعطيك رحمته،،قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر : 53]
ادعوه وتمتع بالرجاء فى صلاتك،،وللحديث ان شاء اللة بقية مع الفرق بين الخوف والخشية والهيبة