من أنوار النبوة
من كتاب محمد نبى الرحمة لفضيلة الشيخ / صلاح الدين القوصى
بعد حديثة عن القران وعجائبة وأسرارة وأنوارة يفتتح حديثة عن الحديث الشريف قائلا: أن ما قيل عن القرأن يقال قريبا منه عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فرسول الله أفصح العرب وأبلغ البلغاء . ودانت له المعانى . وأوتى جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم . ثم بعد ذلك يخاطب الصغير والكبير والأمى والمتعلم . والأعرب وأهل الكتاب وهو خاتم المرسلين فأحاديثة يخاطب بها كل أنواع البشر حتى يوم الدين . فلا بد أن تكون معانيها مناسبة لكل عصر ولكل قوم ولكل مؤمن ولكل مستوى روحى والحديث واحد والكلام واحد وخذ منه من المعانى الظاهرة والرمزية ما شئت والحديث الشريف يقول ( من رأى منكم منكرا فالغيرة ) ونقول أن الأمر هنا بالتغيير وليس الأستنكار كما يفهم بعض الناس . فالمطلوب التغيير . والتغيير بالقلب لا شك يستلزم الدرجة الأقوى من الأيمان .
كذلك قولة صلى الله عليه وسلم ( لقنوا موتاكم .. لا اله ألا الله ) هو صحيح رواه الخمسة عن عائشة وعن أبى هريرة .
يختلف فيه الشرح بين من يستحسن التلقين وتلاوة القرأن على رأس الميت ، وبين من يستنكره ويقولون أن الميت أذا مات فقد أنقضى وأنتهى وليس له عندنا ألا الغسل والتكفين والصلاة والتشييع والدفن .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم أفقه الناس لغة .. ويعرف صلى الله عليه وسلم الفرق بين الميت والمحتضر .
والحديث واضح , ( لقنوا موتاكم ) فرسول الله صلى الله عليه وسلم يضع الكلمة بمعناها الصحيح فى الموضوع الصحيح . ولا تغنى عنها كلمة مرادفة أخرى . وكثيرا ما يكون فى كلامه صلى الله عليه وسلم تورية لطيفه كما قال لأهل بيته قبل أنتقاله للرفيق الأعلى أن أسبقهن أليه فى الدار الأخره هى أطولهن يدا . وكان مقصوده صلى الله عليه وسلم أطولهن يدا فى الكرم والجود والعطاء وهى بلاغة وتورية منه صلى الله عليه وسلم . وهنا نقف عند نقطة لها أهميتها . تلك هى أن مجموع الأحاديث الواردة فى الصحيحين البخارى ومسلم , هو تقريبا حوالى خمسة ألف حديث . وذلك بحذف والمكرر والمتشابه , والذى روى عن أكثر من سلسله . وهو ما أجمع عليه علماء الجرح والتعديل بأنها الأحاديث الحسنة والصحيحة على شروط الشيخين البخارى ومسلم .
وجزى الله عنا علماء الجرح والتعديل خير الجزاء حيث وضعوا أساس اعظم علم للتمحيص والتدقيق والتحقيق لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وما أريد أن أقوله هو أن ما جمعه البخارى ومسلم على شروطهما هو ليس كل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقد كان من درجات الحفاظ درجة تسمى ( بالحافظ ) وهو الذى يحفظ مائة ألف حديث . وكذلك درجة ( أمير المؤمنين فى الحديث ) وهو الذى يحفظ أربع مائة ألف حديث . فأين هذا العدد الضخم مما جمعه البخارى ومسلم !!
ومقصودنا الأ نحبس أنفسنا وعقولنا عليهم . لأن هذا تضيق لوسعه الله علينا , وترك ما لا يجوز تركه من الأحاديث بحجة أنه لم يذكر فى البخارى أو مسلم . أو بحجة أنه ضعيف مثلا .
فأنت لا تدرى سبب ضعف هذا الحديث . ولا حتى معنى أنه ضعيف وهل يأخذ به أم لا .
وما أذا كان هناك حديث ضعيف أخر بنفس المعنى . فرفض العمل بالحديث لضعفه خطأ .
والعلماء يقولون مثلا أن الأحاديث الضعيفة يأخذ بها فى فضائل الأعمال . وما أدراك أن تصنيف هذا الحديث أو ذاك أنه ضعيف مثلا هو أمر مقصود من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . بحيث لا يعمل بهذا الحديث العامة والخاصة . بل هو لأهله فقط الذين تلتقط روحانية هذا الحديث فأن فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نور من نور ذاته الشريفة وكل حديث بنورة الخاص . وكل يأخذ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر روحانيته هو .